يُحكى أن نُصيب لما أصاب من المال ما أصاب وكان عنده أم مِحجن
وكانت سوداء ، اشتاق إلى البياض فتزوج امرأة سِرية بيضاء
فغضبت أم مِحجن وغارت عليه ، فقال لها : والله يا أم مِحجن ما مثلي يُغار
عليه إني شيخٌ كبير وما مثلك يغار وإنكِ لعجوزٌ كبيرة وما أحدٍ أكرمَ عليَّ
منكِ ولا أوجبَ حقاً فلا تهتمي لهذا الأمر ولا تكدريه عليَّ فرضيت وقرت ثم قال
لها بعد ذلك : هل لكِ أن أجمع إليكِ زوجتي الجديدة فهو أصلح لذات البين
وألمُ للشعث وأبعدُ للشماتة ؟ فقالت : نعم افعل واعطاها ديناراً وقال لها :
إني أكره أن ترى بكِ خصاصة وأن تَفَضَّل عليكِ فاعملي لها إذا اصبحت عندكِ
غداءاً بهذا الدينار ثم أتى زوجته الجديدة فقال لها : إني أردتُ أن أجمعك إلى
أم مِحجن غداَ ، وهي مُكرمتك ، وأكره أن تفضل عليك أم مِحجن ، فخذي
هذا الدينار ، فأهدي لها به إذا أصبحتِ عندها غداَ ، لئلا ترى بكِ خصاصة
ولاتذكري لها الدينار ثم أتى صاحباً له يستنصحه ، فقال: إني أريد أن أجمع
زوجتي الجديدة إلى أم مِحجن غداَ ، فاتني مُسلِّماَ فإني سأستجلسك للغداء ،
فإذا تغديت فسلني عن أحبهما إليَّ ، فإني سأنفُرُ وأعظم ذلك ، فإن أبيت عليك
ألا أخبرك فاحلف عليَّ ، فلمَّا كان الغد ، زارت زوجته الجديد ، وأهدت لأم مِحجن ،
ومر صديقه فاستجلسه ، فلمَّا تغديا ، أقبل الرجل عليه : يا أبا مِحجن ، أُحبُ أن
تُخبرني عن أحبَّ زوجتيك إليك فقال : سبحان الله أتسألني عن هذا ، وهما
يسمعان ؟ ماسئل عن مثل هذا أحد ، قال : فإني أقسم عليك لتخبرني ،
فوالله لاعذرتك ، ولاأقبل ذلك ، قال : أما إذا فعلت فأحبهما إليَّ صاحبة الدينار
والله لاأزيدك على هذا شيئا ، فأعرضت كلَّ واحدة منهما تضحك ،
ونفسها مسرورة ، وهي تظن أنه عناها بذلك القول